تفسير سورة الممتحنة كاملة
الآية ... الكلمة ... معناها
(1) ... {أَوْلِيَاءَ} ... خُلَصَاءَ وَأَحِبَّاءَ.
(1) ... {تُلْقُونَ} ... تُفْضُونَ.
(1) ... {أَن تُؤْمِنُوا} ... لِأَجْلِ إِيمَانِكُمْ.
(1) ... {ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} ... أَخْطَأَ طَرِيقَ الهُدَى.
(2) ... {يَثْقَفُوكُمْ} ... يَظْفَرُوا بِكُمْ.
(2) ... {وَيَبْسُطُوا} ... يَمُدُّوا.
(3) ... {يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} ... يُفَرِّقُ بَيْنَ المُطِيعِينَ، وَالعَاصِينَ.
(4) ... {أُسْوَةٌ} ... قُدْوَةٌ.
(4) ... {بُرَءَاؤُا} ... بَرِيئُونَ.
(4) ... {إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ} ... لَكِنْ لَا تَقْتَدُوا بِإِبْرَاهِيمَ
حِينَ قَالَ.
(4) ... {أَنَبْنَا} ... رَجَعْنَا بِالتَّوْبَةِ، وَالطَّاعَةِ.
(4) ... {الْمَصِيرُ} ... المَرْجِعُ.
(5) ... {فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا} ... بِعَذَابِكَ لَنَا، أَوْ تَسْلِيطِ
الكُفَّارِ عَلَيْنَا، فَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ عَلَى حَقٍّ، مَا
أَصَابَهُمُ العَذَابُ، فَيَزْدَادُوا كُفْرًا.
(6) ... {يَرْجُو اللَّهَ} ... يَطْمَعُ فِي الخَيْرِ مِنَ اللهِ.
(6) ... {يَتَوَلَّ} ... يُعْرِضْ عَنِ الاِقْتِدَاءِ بِالأَنْبِيَاءِ، وَيُوَالِ
أَعْدَاءَ اللهِ.
(1/338)
(6) ... {الْحَمِيدُ} ...
المَحْمُودُ فِي ذَاتِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَأَفْعَالِهِ.
(7) ... {مَّوَدَّةً} ... مَحَبَّةً.
(8) ... {تَبَرُّوهُمْ} ... تُكْرِمُوهُمْ.
(8) ... {وَتُقْسِطُوا} ... تَعْدِلُوا فِيهِمْ.
(8) ... {الْمُقْسِطِينَ} ... العَادِلِينَ.
(9) ... {وَظَاهَرُوا} ... عَاوَنُوا.
(9) ... {أَن تَوَلَّوْهُمْ} ... أَنْ تَنْصُرُوهُمْ، وَتَوَدُّوهُمْ.
(10) ... {فَامْتَحِنُوهُنَّ} ... فَاخْتَبِرُوهُنَّ؛ لِتَعْلَمُوا صِدْقَ
إِيمَانِهِنَّ.
(10) ... {وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا} ... وَأَعْطُوا أَزْوَاجَ اللَّاتِي أَسْلَمْنَ
مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا عَلَيْهِنَّ مِنَ المُهُورِ.
(10) ... {جُنَاحَ} ... إِثْمَ.
(10) ... {أُجُورَهُنَّ} ... مُهُورَهُنَّ.
(10) ... {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} ... بِعُقُودِ نِكَاحِ زَوْجَاتِكُمُ
الكَافِرَاتِ.
(10) ... {وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ} ... وَاطْلُبُوا مِنَ المُشْرِكِينَ
مُهُورَ نِسَائِكُمُ المُرْتَدَّاتِ اللَّوَاتِي لَحِقْنَ بِهِمْ.
(11) ... {وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ} ... انْفَلَتَتْ وَاحِدَةٌ
بِرِدَّةٍ.
(11) ... {فَعَاقَبْتُمْ} ... فَظَفِرْتُمْ بِالكُفَّارِ، وَغَنِمْتُمْ مِنْهُمْ.
(12) ... {يُبَايِعْنَكَ} ... يُعَاهِدْنَكَ.
(1/339)
(12) ... {بِبُهْتَانٍ
يَفْتَرِينَهُ} ... بِأَنْ يُلْحِقْنَ بِأَزْوَاجِهِنَّ أَوْلَادًا لَيْسُوا
مِنْهُمْ.
(13) ... {لَا تَتَوَلَّوْا} ... لَا تَجْعَلُوهُمْ أَوْلِيَاءَ، وَأَخِلَّاءَ.
التفسير
🔹 الآية 1
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي
وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾
المعنى العام:
ينادي الله عباده
المؤمنين، نهيًا وتحذيرًا، بألّا يتخذوا أعداء الله وأعداءهم من الكافرين أولياء
وأحبابًا.
شرح مفصل:
- ﴿ تُلْقُونَ
إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ﴾
تُظهرون لهم المحبة وتنقلون إليهم أسرار المسلمين (كما فعل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه). - ﴿ وَقَدْ
كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ﴾
أي: هؤلاء لا يستحقون المودة لأنهم كفروا بالوحي المنزل. - ﴿ يُخْرِجُونَ
الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ﴾
اضطهدوكم وأخرجوا نبيكم وأخرجوكم أنتم أيضًا؛ لمجرد أنكم آمنتم بالله. - ﴿ أَنْ
تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ ﴾
لا ذنب لكم عندهم إلا الإيمان. - ﴿ إِنْ
كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي... ﴾
فالمودة لهؤلاء الأعداء تتنافى مع صدق النية في الجهاد والابتغاء لرضا الله. - ﴿ تُسِرُّونَ
إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ﴾
تحاولون ستر ذلك عن المؤمنين، لكن… - ﴿ وَأَنَا
أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ ﴾
الله يطلع على كل ما في القلوب، وما يُفعل سرًّا أو جهرًا. - ﴿ وَمَنْ
يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ ﴾
مَن وقع في هذا التولي للكفار... - ﴿ فَقَدْ
ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾
أي: ضل الطريق المستقيم، وهو طريق الإيمان والولاء لله ولرسوله وللمؤمنين فقط
🔹 والآية 2:
﴿ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً ﴾
أي: إن يظفروا بكم ويتمكنوا منكم (يُدركوكم في دار الحرب)، لن يُراعوا
فيكم قرابة ولا رحِمًا، بل يُظهرون عداوتهم الحقيقية التي أخفيتموها عن
أنفسكم بدافع القرابة أو المحبة.
🔸 فالعبرة في العلاقة
ليست بقرابة الدم، وإنما بالموقف من الإيمان.
﴿
وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ
وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ ﴾
أي: إذا تمكّنوا منكم، مدّوا أيديهم بالأذى الجسدي (كالضرب والقتل والأسر)،
وألسنتهم بالإيذاء اللفظي (كالشتم والافتراء).
💡 وهذا وصف دقيق لطبيعة
العدو الذي يُخفي عداوته تحت قناع المحبة أو العلاقة العائلية.
﴿
وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾
أي: تمنّوا في داخلهم أن تتركوا إيمانكم وتكونوا مثلهم.
📌 فحتى لو أظهروا لكم
الود، فغايتهم الحقيقية هي أن تفقدوا إيمانكم، وتنحرفوا عن دينكم ليزول
التمايز بينكم وبينهم.
🔹 والآية 3:
﴿ لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ ﴾
أي لن ينفعكم قرابتكم ولا أولادكم يوم القيامة، خاصة إذا كانوا على غير
الإيمان، فلا يجوز لكم أن تُقدّموا محبتهم وطاعتهم على طاعة الله ورسوله، ولو
كانوا أقرب الناس إليكم.
➤ لماذا؟
لأن القرابة التي لم يُبنَ عليها إيمان، ستُفصل يوم القيامة، ولن
تكون شفيعًا ولا منقذًا.
﴿
يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ﴾
أي يميّز الله بين المؤمن والكافر، ويفرق بين الأحباب الذين تعلقت قلوبهم
ببعض في الدنيا دون أن يجمعهم الإيمان.
🔸 فالولد الذي عصى
الله، لا ينفعه أبوه المؤمن، ولا تنفع الأم ابنها، ولا الأصدقاء بعضهم بعضًا،
كما قال تعالى:
﴿
يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ﴾ (عبس: 34)
﴿
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾
أي الله تعالى يرى كل تصرفاتكم:
- من ألقى بالمودّة إلى الكافرين،
- ومن خان الله ورسوله،
- ومن فضّل قرابته على دينه،
👁️ فهو رقيب بصير،
لا يخفى عليه شيء، وسيجازيكم على كل عمل.
🔹 الآية 4:
﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ
وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾
❖ الله يقدم لنا
نموذجًا وقدوة في إبراهيم والذين آمنوا معه، لما تبرؤوا من أقوامهم
المشركين:
﴿ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ ﴾
أي نحن متبرئون منكم ومن أصنامكم، ولا نساوم في العقيدة.
﴿ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ ﴾
أي ظهرت العداوة في الدين، وهذه ليست خصومة شخصية بل مفاصلة إيمانية.
﴿ حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾
أي نحن لا نرضى بكم حتى تتركوا الشرك وتعبدوا الله وحده.
❖ واستثنى دعاء إبراهيم
لأبيه:
﴿ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ﴾
لكن هذا قبل أن يتبيّن له أنه عدو لله، ثم تبرأ منه كما في آية أخرى.
ثم قال الله:
﴿ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا ...
وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾
دعاء المؤمنين بإخلاص وتفويض أمرهم إلى الله.
🔹 الآية 5:
﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
أي لا تجعل الكافرين يظنون أننا على باطل أو أن لهم علينا سلطانًا فيَفتتنوا.
﴿ وَاغْفِرْ لَنَا ... إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
دعاء عظيم فيه طلب المغفرة، والاعتراف بكمال عزّة الله وحكمته.
🔹 الآية 6:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾
أي في إبراهيم والذين معه، لمن يريد لقاء الله، ويتطلع إلى الآخرة.
ثم ختم الآية:
﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾
أي من يُعرض عن هذا النهج، فإن الله غني عنه، محمود على كل حال.
🔹 الآية 7:
﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ
عَادَيْتُمْ ﴾
أي قد تقع مودة مستقبلية بينكم وبين من عاديتُموهم من الكفار،
﴿ وَاللَّهُ قَدِيرٌ ﴾
أي لا يعجزه شيء
﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
فيه إشارة إلى إمكانية الهداية للكفار.
🔹 الآية 8–9:
فيها توجيه هام:
﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي
الدِّينِ ﴾
أي من الكفار المسالمين، أن تُحسنوا إليهم، وتعدلوا معهم.
﴿ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ ... ﴾ عن الذين قاتلوكم
وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم، هؤلاء لا تجوز مودّتهم ولا نصرتهم.
🔹 الآية 10:
تبدأ بتشريع امتحان
المؤمنات المهاجرات إلى المدينة:
﴿ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ﴾
أي اسألوهن: هل هاجرن للدين أم لأغراض دنيوية؟
ثم قال:
﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى
الْكُفَّارِ ﴾
لأن الكافرين ليسوا أهلاً لولايتهن.
﴿ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَلَا هُنَّ
يَحِلُّونَ لَهُمْ ﴾
أي الزواج بين المسلمة والكافر لا يجوز.
🔹 الآية 11:
أمر بتصفية الحقوق
الزوجية والمالية بين المسلمين والكفار، إذا افترق الزوجان بالإسلام:
﴿ وَآتُوا مَا أَنْفَقُوا ﴾ أي أعيدوا لهم مهور
نسائهم إن طلبوا ذلك.
🔹 الآية 12:
بيعة النساء للنبي ﷺ،
وفيها شروط عظيمة:
- ألا يُشركن بالله
- ولا يسرقن
- ولا يزنين
- ولا يقتلن أولادهن
- ولا يأتين ببهتان
- ولا يعصين في معروف
ثم قال:
﴿ فَبَايِعْهُنَّ ﴾
أي أتمم معهن البيعة، وادع الله لهن بالمغفرة.
🔹 الآية 13:
خاتمة تحذر من موالاة
الكافرين:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا
غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴾
أي لا توالوا من أصرّ على الكفر وحارب دين الله.
ثم قال:
﴿ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ ﴾
أي هم لا يرجون لقاء الله، فلا تصلح مودّتهم.